رجوع إلى صفحة النتائج

كلمة رئيس الحكومة بمناسبة افتتاح أشغال المنتدى الدولي الثالث حول السياسات العمومية للتشغيل مراكش

المؤلف : العثماني سعد الدين
تاريخ النشر : 02/03/2016
نوع الوثيقة : استجوابات / خطب
الموضوع : خطب واستجوابات رسمية

ملخص/فهرس :

كلمة رئيس الحكومة الأستاذ عبد الإله ابن كيران بمناسبة افتتاح أشغال المنتدى الدولي الثالث حول السياسات العمومية للتشغيل مراكش، 2 مارس 2016

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه،

السيد المدير العام لمنظمة العمل الدولية؛

السيد مدير التشغيل والعمل والشؤون الاجتماعية بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية؛

أصحاب المعالي الوزراء؛

أصحاب السعادة السفراء؛

السيدات والسادة ممثلو المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء؛

حضرات السيدات والسادة؛

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

إنه لمن دواعي السرور أن أشارككم اليوم افتتاح أشغال هذا المنتدى الدولي الرفيع المستوى الذي ينظم بتعاون بين وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية ومنظمة العمل الدولية ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، في موضوع "تعزيز النمو من خلال سياسات ومؤسسات دامجة لسوق الشغل".

وإذ أرحب بضيوفنا الكرام، راجيا لهم من الله تعالى مُقاما طيبا ببلادنا، فإنني أنوه بهذه المبادرة المتميزة وأهنئ الجهات المنظمة على اختيار هذا الموضوع، الذي يكتسي أهمية بالغة وراهنية أكيدة، والذي بات يؤرق الحكومات في مختلف دول العالم، خصوصا في سياق الأزمة الاقتصادية وانحصار نسب النمو، وما يترتب عن ذلك من ظواهر اجتماعية خطيرة من قبيل اتساع الفوارق الفئوية والإقصاء والتهميش والتطرف.

فالتشغيل كما تعلمون هو الآلية الرئيسية للاندماج الاجتماعي، والعامل الرئيسي لتحسين الظروف المعيشية والوقاية من الفقر والهشاشة، والحفاظ على التماسك الاجتماعي.

ولا شك أن هذا اللقاء الدولي، الثالث من نوعه، والذي يجمع نخبة مرموقة من الفعاليات والخبراء، سيساهم في تسليط الضوء بأسلوب علمي على الإشكاليات المطروحة وتبادل الآراء بين مختلف الفاعلين في مجال التشغيل، والاستفادة من التجارب الفضلى في هذا الميدان.

حضرات السيدات والسادة،

أود في بداية كلمتي أن أؤكد على أمور أعتبرها في وقتنا الحالي جوهرية في التعاطي مع إشكاليات النمو والتشغيل والإدماج.

فالعالم اليوم مترابط، والاستقرار على المستوى العالمي أصبح يتطلب حدا أدنى من العدل والمساواة بين الدول وداخل الوطن الواحد. فإذا كانت الحقبة الأخيرة قد تميزت بالأزمة المالية العالمية وما لها من انعكاسات اقتصادية واجتماعية فإنها تميزت أيضا باستيقاظ الشعوب التي أصبحت تطالب بحقها في الثروة والتي لم تعد تقبل أن تتفرج عاجزة على الهامش خصوصا والفرصة متاحة أمامها للتعبير والضغط والتعبئة الفاعلة بفضل التطور التكنولوجي الذي يسر للشباب بكل فئاته إسماع صوته.

وأمام هذه الوضعية، فإن المسؤولية مشتركة. فالحكومات لها مسؤوليتها، والمقاولات ورجال الاعمال لهم مسؤوليتهم والنقابات لها مسؤوليتها. فإذا نحن لم نغير المقاربة، وإذا تمسكنا بمواقعنا وبمنطق الصراع، فإننا نعرض الديمقراطية للخطر ونبعد الرهانات الحقيقية عن الفضاء الديمقراطي علما أننا نؤمن جميعا أن الديمقراطية هي فرصتنا الوحيدة والحقيقية لتزدهر الشعوب ولتحقيق أكبر قدر أكبر من العدالة والتوازن.

لذا لا بد من النظر العميق في الإشكاليات المطروحة فيما يخص التشغيل وإدماج الشباب، فالأمر لا يتعلق فقط بسياسات النمو وبرامج التشغيل والتكوين، بل يتعداه إلى ضرورة ضمان حد أدنى من شروط العيش الكريم للجميع وهذا ما يسائلنا جميعا ويقتضي تقديم تنازلات

من قبل الجميع، فواهم من يعتقد أننا يمكن أن نحافظ على الاستقرار العالمي والوطني مع الحفاظ على ما لدينا من مزايا ومواقع كما هي، بل إن تصحيح الاختلالات وتحقيق حد أدنى من العدالة من الشروط المسبقة لتحقيق مجتمع آمن ومستقر ومزدهر.

حضرات السيدات والسادة،

بالعودة إلى موضوع البطالة، فإنه لا يخفى عنكم أن هذه الظاهرة الاجتماعية مركبة، تحكمها وتؤثر فيها عدة عوامل. كما أن إحداث المزيد من مناصب الشغل اللائق، أصبح على رأس قائمة التحديات التي تواجه إعداد السياسات الاقتصادية والاجتماعية في معظم الدول، في ظل السباق المحموم نحو التنافسية الذي أضحى اليوم الهَــــمّ الأول للدول والمقاولات.

وبالنسبة لبلادنا، فإنه على الرغم من الجهود المبذولة لتقليص حدة البطالة، خصوصا في أوساط الشباب، فإننا لم نجد بعد المقاربات الصحيحة لمعالجة هذه الإشكالية بما يمكن من إدماج أوسع في سوق الشغل ويحافظ على تنافسية المقاولات والاقتصاد عموما. وفي هذا السياق، فإننا لا زلنا نواجه جملة من التحديات منها الضغط الديموغرافي، والأثر المحدود للنمو على إحداث فرص الشغل، وضعف ملاءمة التكوين مع حاجيات السوق، وتواضع فعالية سياسات التحفيز على التشغيل.

وأود التأكيد بهذا الصدد، أن معالجة إشكالية التشغيل ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الواقع والسياق الخاصين بكل بلد. فإذا كانت الدول المتقدمة تعتمد أساسا على معيار خفض معدل البطالة لتقييم سياساتها في مجال التشغيل، فإن في الدول النامية عموما وفي بلادنا على سبيل المثال يبقى هذا المؤشر بعيدا من أن يعكس بدقة لوحده واقع سوق الشغل، حيث أن الشغل الناقص والشغل الغير مؤدى عنه وضعف معدل النشاط تمثل عوامل تؤثر سلبا على الإنتاجية والنمو فضلا عما تخلفه من هشاشة في أوضاع فئات واسعة تعد حسب الإحصاءات الرسمية مدمجة في سوق الشغل. كما أن مسألة التوازن اللازم بين مرونة سوق الشغل وحماية المشغلين ينبغي أن تراعى فيها الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية لكل بلد أو بالأحرى لكل جهة داخل البلد الواحد.

حضرات السيدات والسادة؛

لقد أدركت الحكومة الحالية، منذ توليها المسؤولية، بأن المقاولة هي المحرك الأساسي للاقتصاد والتنمية، وأنه من أجل فسح المجال لها للاشتغال وإحداث الشغل المنتج لقيمة مضافة، لابد لها من محيط ماكرو اقتصادي متوازن، وجو اجتماعي متماسك وآمن.

ومن هذا المنطلق، فقد ركز العمل الحكومي على ثلاث أولويات كبرى، تتجلى في تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني وصيانة التوازنات الماكرو اقتصادية، وذلك عبر سلسلة من الإصلاحات والإجراءات، واستعادة التوازن الاجتماعي لمصلحة المواطن، ودعم المقاولة لفائدة التنمية، بما يمكن من رفع إشعاع النموذج المغربي وتقوية جاذبيته.

ففي جانب الإصلاحات الهيكلية عملت الحكومة على الرفع من وتيرة وزخم الإصلاح من خلال إطلاق حركية إصلاحات هيكلية همت منظومة العدالة، والمالية العمومية والنظام المالي، والمقاصة، والتقاعد، والخدمات الصحية، والجهوية، ...

كما اتخذت الحكومة إجراءات مهمة من أجل استعادة عافية الاقتصاد الوطني، حيث تم تقليص عجز الميزانية من 7.2% من الناتج الداخلي الخام سنة 2012 إلى نحو 4.3% بحلول نهاية 2015، في أفق بلوغ 3.5% نهاية 2016 بحول الله. كما انتقل عجز ميزان الأداءات من 9.5% المسجلة سنة 2012 إلى أقل من 2.8 نهاية 2015.

وعلى المستوى الاجتماعي، عملت الحكومة على اعتماد عدد من المبادرات الرامية لتصحيح التوازن الاجتماعي، والتوجه نحو تمكين الفئات الفقيرة والمحتاجة من الثروة الوطنية عبر إجراءات مباشرة، كالزيادة في الحد الأدنى للأجور (10% على سنتين)، واعتماد دعم الأرامل الحاضنات لأطفالهن اليتامى، وسن نظام التعويض عن فقدان الشغل، وتعميم نظام المساعدة الطبية ليشمل نحو 10 ملايين مستفيد.

كما تم تعميم التغطية الصحية على الطلبة مجانا والرفع من عدد وقيمة المنح الجامعية، وتخفيض أسعار أزيد من 1800 دواء، والزيادة في الحد الأدنى للمعاشات وتطبيق التزامات الحوار الاجتماعي التي تكلف ما يزيد على 17 مليار درهم. كما يتم العمل على إخراج نظامي الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية لفائدة المستقلين، حيث أحيل مشروعا القانونين المحدثين لهما على البرلمان منذ حوالي شهر.

وبموازاة العمل على تصحيح الاختلالات الاجتماعية، تم اعتماد مجموعة من القرارات الهادفة إلى تحسين مناخ الأعمال، ودعم المقاولة الوطنية، وتحرير طاقات الإنتاج الوطني، وإعادة التوازن للنموذج التنموي لبلادنا.

حضرات السيدات والسادة،

لقد أولت المملكة المغربية اهتماما بالغا لتأهيل الترسانة القانونية المتعلقة بالعمل وملاءمتها مع المواصفات الدولية ذات الصلة. فقد صادقت بلادنا حتى الآن على 62 اتفاقية عمل دولية من بينها 7 اتفاقيات أساسية من أصل 8 تتعلق بمحاربة تشغيل الأطفال والمساواة بين الجنسين في العمل والنهوض بالمفاوضة الجماعية وكذا محاربة العمل الجبري. كما تم، في إطار استكمال الترسانة القانونية المتعلقة بالشغل، إعداد مشاريع قوانين تتعلق ب "العمال المنزليين" و"ظروف العمل في القطاعات ذات الطابع التقليدي الصرف" و"الصحة والسلامة المهنية في القطاعين الخاص والعام.

كما أن الحكومة، من منطلق قناعتها بكون إحداث فرص الشغل والحفاظ عليها هي مسؤولية جماعية، تعمل على استكمال إعداد مشروع القانون التنظيمي المتعلق بممارسة الحق في الإضراب، وفق منطق يوازن بين حماية الحقوق الأساسية للأجراء وتمكين المقاولة من ممارسة نشاطها في جو مستقر وآمن. وسيتم بإذن الله عرض مشروع القانون على مسطرة الاستشارة والمصادقة خلال الأسابيع المقبلة.

واقتناعا منها بأهمية الحوار وانعكاساته الايجابية على توفير الظروف الملائمة لتنمية مستدامة ومتوازنة، فإن الحكومة ظلت منفتحة وملتزمة بأسلوب الحوار مع الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين باعتباره آلية لمعالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك. وقد تعزز رصيد الحوار الاجتماعي بالمغرب بالتوقيع على عدة اتفاقيات اجتماعية ساهمت في تحقيق عدة منجزات سواء على مستوى حماية الحقوق والحريات النقابية أو على مستوى تحسين الدخل والحماية الاجتماعية للمأجورين، وكذا تحسين العلاقات المهنية واستتباب السلم الاجتماعي.

وقبل الختام أدعو هذه الثلة المتميزة من المشاركين إلى التفكير في موضوع السياسات العمومية للتشغيل بطريقة متحررة من القيود المسبقة للمساهمة في فهم أدق لهذه الإشكالية في كل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والمؤسساتية وبلورة حلول واقعية تنهل من التجارب الفضلى وتراعي الخصوصيات المحلية وذلك لربح رهان التشغيل والتنافسية والتوازن المجتمعي.

وأخيرا، أجدد شكري لجميع المشاركين في هذا المنتدى وللساهرين على تنظيمه، متمنيا التوفيق لأشغالكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

ترجمة المقتطف إلى :
بحث

بحث

بحث متقدم
Navigation par

التصفح ب :

تدقيق البحث

* إختر المجال

إختر الموضوع الرئيسي

إختر الموضوع الجزئي

إختر الموضوع الفرعي

*أجباري
البحث في "أبحثو" على جوجل :