Abhatoo - Centre Nationale de Documentation

لم يخل شيء مما أنتجه الإنسان لمصلحته الدنيوية قديما وحديثا من مفاسد، بدءا من الآلة الحادة المصقولة من الحجر في العصور الغابرة، وانتهاء بما نشهده اليوم من آليات واختراعات تكنولوجية. فإذا كانت الآلة الحادة قد اخترعت لمصلحة الصيد والحرث والطبخ، فقد وظفها الإنسان أيضا في قتل أخيه الإنسان. وإذا كانت المواقع الرقمية قد ابتكرت لمقصد تسهيل عملية التواصل والبحث وغير ذلك من المصالح المادية، فقد كانت لها كذلك مفاسد معنوية تتعلق بكرامة الإنسان وحياته الخاصة. فما أصدق الشاطبي رحمه الله حينما عبر عن هذا المعنى بقوله: "ليس في الدنيا مصلحة محضة ولا مفسدة محضة". لقد صَمَّمت شركات التكنولوجيا العملاقة (كشركة فيسبوك) تطبيقاتها الذكية وفق تقنيات تسمح بالتجسس على مستخدميها ومراقبتهم، من أجل الحصول على معلوماتهم الشخصية، ومعرفتهم معرفة دقيقة، حتى تتمكن من توجيه نزعتهم الاستهلاكية، ويتم توظيف معلوماتهم تلك كمادة مُسلَّعة قابلة للبيع والشراء لمصلحة المعلنين التجاريين. ولقد بحثنا في مقالنا هذا إشكالية أساسية ترتبط بمعرفة موقف الشرع والأخلاق من الواقع المادي والبعد الرأسمالي لابتكارات التكنولوجيا في ظل طمس أربابها للجوانب الإنسانية في الإنسان وتسويتهم له مع السلع القابلة للبيع والشراء. كما اقترحنا بعض الحلول الممكنة التي قد تضع حدا لجبروت هؤلاء العمالقة من الرأسماليين، من أجل حفظ كرامة الإنسان وإنسانيته.