Abhatoo - Centre Nationale de Documentation

هدف هذا البحث للتعرف على ابن خلدون المربي ، من خلال دراسة أفكاره التربویة ووجهات نظره في هذا المجال وخاصة وأن مقدمته الشهیرة والتي تعتبر موسوعة علمیة شاملة لكافة مجالات الحیاة الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة قد أفردت فصلا كاملا في المجال التربوي، ولا سیما أن ابن خلدون قد تمیز عن علماء زمنه بعدم تناوله للتربیة كمسألة فقهیة وٕانما ربط التعلیم بالعمران البشري والمعاش فقد أكد انه حیثما وجد العم ا رن والتطور وجد التعلم ، كما هدف إلى تسلیط الضوء على أ ري ابن خلدون فیما توصل إلیه من كون التعلم صفه إنسانیة بحته فالعلم هو أمر طبیعي بالبشر غیر موجود خارج المجتمع الإنساني ، فالعقل البشري هو الصفة الممیزة للإنسان لذلك قسم العقل البشري إلى ثلاثة أنماط العقل التمیزي ،والعقل النظري، والعقل التجریبي ویرى ضرورة الوقوف عند العقل التجریبي خاصة لأنه مصدر العلوم ومحورها فلإنسان كائن مفكر بطبعه یسعى لكسب ما لیس لدیه من ادراكات فتنشأ العلوم من ذلك ،كما اعتبر ابن خلدون أن التربیة صناعة لا بد من الإحاطة بجوانبها النظریة والتطبیقیة ، ولم یقف ابن خلدون عند ذلك بل وضع قوانین التعلم موضحا علاقة جودة التعلیم بقدرة وكفاءة الأستاذ المعلم ووضع للمعلم الخطوات التي علیه إتباعها لیكون معلما ناجحا ، رابطا المناهج بالواقع الذي تعیشه الأمصار التي تقوم بتدریسها مقارنا بینها .

بذلك یمكن القول أن فلسفة ابن خلدون التربویة بما وضع فیها من قوانین ونظریات وحلول للمشكلات التربویة في عصره والتي كان یرى أنها سبب في تأخر بعض الأمصار الإسلامیة عن أخرى في ذلك الوقت، شكلت منهجا تربویا فریدا قد یكون سباقا في ذلك الزمان .

ولكن هل یمكن الاستفادة من الفكر التربوي الخلدوني في حل مشكلات التربیة العربیة والإسلامیة في الوقت الحاضر وان كانت المشاكل التربویة في زمانه مقاربة للمشاكل التربویة لزماننا مع الحفاظ على الخصوصیة التاریخیة لكل زمن وخاصة أن علماء التربیة الحدیثة قد أثبتوا ما كان توصل إلیه ابن خلدون من منهج تربوي في عصره .

لذلك سعى البحث إلى إعداد مقاربة بین الفكر التربوي الخلدوني مع الفكر التربوي الحدیث لمعرفة مدى موائمته مع عصرنا الحالي؟ .