Abhatoo - Centre Nationale de Documentation

تميز المجتمع المغربي خلال العصر الوسيط ببنية ذهنية مركبة، تفصح عنها بعض المواقف والتصورات اتجاه الأزمات المناخية، كالجفاف والقحط، والسيول الجارفة، والفيضانات، الأمر الذي كان يخلف ردود فعل وسلوكيات متباينة، وقد غلب على بعضها الطابع الخرافي كالسحر والكرامات الصوفية، التي أطرت مجمل التغيرات الذهنية وأشكالها للمجتمع المغربي.
وقد بدأ الاهتمام بموضوع الأزمات المناخية وتأثيرها على سلوك وذهنية الإنسان، مع التحولات التي شهدتها الكتابة التاريخية في القرن العشرين من رواد مدرسة الحوليات، لا سيما مع التاريخ الجديد، الذي وجه البحث التاريخي إلى التصورات والتمثلات الإنسانية التي رصدتها المصادر التاريخية بمفهومها الشامل مقحمة المعتقدات الشعبية والعقليات الجماعية، متجاوزة بذلك التاريخ السياسي التقليدي، فالعقلية الجماعية السائدة في مجتمع ما، ماهي إلا تراكمات معرفية وثقافية، ناتجة عن تجارب صقلت عقلية ذلك المجتمع وثقافته عبر حقب طويلة.
ولرصد تلك التموجات الذهنية التي ميزت المجتمع المغربي في فترات الأزمات المناخية، والتي أسهمت بشكل كبير في تأثيث المواقف والتصورات وردود الأفعال اتجاه مظاهر الطبيعة، سنعمل على النهل من مختلف المصادر التاريخية التي تؤرخ للحقبة الوسيطية.